بحث هذه المدونة الإلكترونية

الصفحات

الجمعة، 15 أغسطس 2025

اغتيال فرحة الشعب !



تتساقط حبات المطر فيفرح الناس وتغدو الحياة بهيجة !
وتشرق الشمس بأشعتها الذهبية فتتنفس القلوب السعادة !
وتأتي الهبات والمكرمات من أهل الفضل فتحلو الحياة !
ولكن في لحظة صفاء ينفجر المكان بقنبلة ملغومة تغتال الفرحة !
عندما تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مقاليد الحكم أعلن عن قراراته الملكية التي تحدد سياسته الداخلية والخارجية والتي تعد استكمالا لسياسات السابقين من ملوك السعودية، والتي أتت متممة لنهج مؤسسها المغفور له – بإذن الله – الملك عبدالعزيز آل سعود، وهي تؤكد بأن السعودية بلد يسير وفق خطة مرسومة ولو لم تكن معلنة لكن أصلها ثابت مهما تعاقبت الأجيال، وهو يستقي تعاليمه وقوانينه وأحكامه ورؤاه من كتاب الله وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ، ورسمت خارطة الطريق للدولة السعودية بتولية الأمير مقرن ولاية العهد ومحمد بن نايف وليا لولي للعهد، وبدأت بعد ذلك القرارات الملكية !والتي صدحت بها القناة السعودية حين اختيرت لتكون ناقلة لهذا الحدث وكان ذلك فأل خير لها فقد ارتفعت أعداد متابعيها في ذلك اليوم حتى فاقت عدد أيام مشاهداتها السنوية !.
وحينما أتت شارة بدابة الأخبار وبدت الابتسامة على محيا المذيعين استبشر الناس خيراً وسكنت الحركة وهدأت البيوت وأغلقت الأبواب وبدأ المذيع قائلاً : بسم الله الرحمن الرحيم أمر ملكي الرقم أ تقسيم 67 ودخل الناس في جو ملكي وتوالت القرارات والتعيينات للوزراء والأمراء والكل ينتظر بشغف انتهاء تلك القرارات وبدأت الأرقام تتوالى والدقائق تمر كسلحفاة بلغت من العمر عتيا ولكن القلوب موقنة بأن انتظارهم لن يذهب سدى، وهم الذين اعتادوا على جملة : ( املأ ساعات الانتظار بالاستغفار )، وبعد سبعة وأربعين دقيقة نطق المذيع بعد أن ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة جعلت القلوب تتطلع لما سيقوله بعد تلك الابتسامة لينطق بعدها قائلاً : أمر ملكي الرقم أ تقسيم 97 ( حرصا منا …. صرف راتبين )، عندها انفرجت الأسارير وعمت الفوضى في البيوت وصفقت القلوب قبل الأيدي وتعالت الصيحات وتحول البيت بقدرة قادر من أشخاص يكرهون الرياضيات وعلم الحساب والجبر إلى علماء حساب ومستشاري اقتصاد وعاش الشعب في ثبات ونبات ولكنهم لم يخلفوا صبيانا وبنات حرصا على التوفير !
وماهي إلا أيام قليلة وتأتي “الغولة” لتبحث عن الغلة فقد سال لعابها حين سمعت بالزيادة وهي التي اعتادت أن تخرج في ساعات الفرح لتنغص على الناس سعادتهم !
وظهر جشع بعض التجار بعد تلك المكرمة الملكية فهذا يرفع أسعار منتجاته والآخر بدأ بحملات ترويجية ليقنع الناس بأخبار يبثها بين الفينة والأخرى عن ارتفاع السلع هنا وهناك، لتكون حجته المستقبلية عندما يرفع أسعار بضائعه بينما البعض منهم قد أوعز لعماله بتغيير بطاقات السعر لينفذ خطته قبل أن تنكشف حيلته !
لم تتغير الأسعار العالمية ولكن الذي تغير أن الملك أمر بالزيادة للشعب والتجار يرون أنفسهم خارج هذه الكلمة، فهم الشعب المختار في نظر أنفسهم ولهم الحرية في امتصاص الشعب، ولذا فهم دائما يسعون لامتصاص المواطن المستهلك ويختارون ساعات فرحه وأوقات استمتاعه بهبات وعطايا الكرام كخادم الحرمين الشريفين فينقضوا عليها بنهم الوحوش !
إن هذا الجشع الذي يمارسه التجار ليس بجديد علينا فهو أمر اعتادوا عليه مع كل زيادة بل إن بعض العمالة الأجنبية قد استفادوا من تجارنا دروسا ولذلك لن تصيبك الدهشة حين يجيبك أحدهم عند سؤاله عن سبب ارتفاع السعر بأن الراتب قد زاد !!!
لست مع من يدعو للمقاطعة، فتلك الطريقة لم تعد تجدي مع التجار الذين اعتادوا على إفساد فرحة الشعب لعلمهم بحاجتنا الماسة لمنتجاتهم وبضائعهم في ظل التأمر الذي ينتهجونه بينهم كي يضعوا المستهلك أمام الخيار الأصعب ومما زاد الطين بلة سكوت الجميلة النائمة المسماة ( حماية المستهلك ) التي وددت لو غيرت اسمها ليصبح ( حماية المهلك ) فنحن نسمع لها جعجعة ولكننا لا نرى طحنا !
إذا فما هو الحل الناجع لهذه الممارسات الجشعة التي يمارسها التجار ؟
إن تصريح مؤسسة النقد الذي أمر البنوك بعدم المساس بأموال الشعب ، وتصريح وزير التجارة الذي طلب من المواطنين الإبلاغ عن أي مخالفة لرفع سلعة من السلع ليستوجب من المواطنين التعاون مع الجهات المختصة والإبلاغ عن أي مخالفة كما يجب على الوزارات والمؤسسات الحكومية أن تكون على قدر المسؤولية وترفع من جاهزيتها وأن تعد العدة وتستبق الأحداث بجولات ميدانية لتوثيق الأسعار قبل تغيير البطاقات السعرية، كما يجب على الجهات المختصة أن تعجل بالفصل في القضايا بشكل فوري، وأن لا تستخدم سياسة التأجيل بل يجب عليها أن ترفع من حجم الغرامات المالية وتستخدم التشهير الذي أثبت فاعليته ونجاحه وسيكون خير علاج لمثل هذه التصرفات الصبيانية بل إنه سيكون رادعا كل من تسول له نفسه ويقدم على استغلال هذه المناسبات التي من شأنها إدخال الفرحة على قلوب المواطنين وسينتهي عصر الاستغلال .!
همسة : التجارة باب من أبواب الرزق لكنها ليست بابا من أبواب النصب ولذا يجب على التجار أن يتقوا الله في أنفسهم وفي أموالهم وليعلموا أن الله لا يحب الظلم فليحذروا من غضبه !.