بسم الله الرحمن الرحيم
سارة والماكينة بين الاستغفال
والاستغلال !
ما كاد الشعب يفيق من صدمة
سوا التي أكلت الأخضر واليابس وأوهمت الناس بالثراء السريع
حتى أتت الأسهم لتعلن أنها
بوابة المليونيرات وأيسر الطرق للوصول إلى امتلاك الثروات ولكن البالون
لم يمهل المكتتبين كثيراً
فانفجر ليخلف من ورائه دمارا شاملا وضحايا لم يسلم منها إلا من كان
وراء تلك العاصفة وكأنه
بالوعة لم تبق من عرق الكادحين شيئا وهي التي تعودت على قتل الأحلام
ووأد الطموحات لتبقى
المسيطرة على الأسواق المالية وبقي الشعب يتحسر على أمواله التي ذهبت
وماهي إلا أيام قلائل وتظهر
ماكينة سنجر التي عفا عليها الزمن وتقادمت عليها الدهور لتطل
علينا كذبة العصر باحتوائها
على مادة الزئبق الأحمر التي تجعل الجن عبيدا وتحول الأوراق لنقودا والحجر ذهبا
لتكون أول اختبار لنا على نشر الشائعات وتقبلها
وسرعة استجابتنا لها دون تثبت وبحث تقصي
وأتت الحملة ثمارها وامتلأ
سوق الغباء بالناس وصارت بيوت العجائز مقصد الشباب والشيب وكان من قبل
خاليا من الزوار إلا لدقائق
معدودة بل إن البعض كان يتندر بهن ويأنف من زيارتهن ولكن الزئبق جعلهن
كنزا لا يمكن التفريط فيه ومزارا
للصغير والكبير وبدأت تحاك المؤامرات وانتشرت الأخبار ودبجت المقالات
وكتبت التقارير وتسابق
المذيعون والمذيعات لاستضافة العقول المسيرة وبدأ المحللون والأطباء النفسيون
في تحليل تلك المصيبة بعد
أن اكتشف الناس أنها مجرد كذبة وانطلت على الشعب المسكين !
ومرت الأيام ونسي الناس تلك
الضحكة ورغم أننا نحفظ مقولة " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين " إلا أننا
لدغنا من نفس الجحر مرات
عديدة مما يعني أن هناك مشكلة لكنها ليست في المقولة لأنها صادقة جدا
ومضت الأيام سريعة لتظهر
لنا تلك الفتاة الحسناء ذات العيون الزرقاء والوجه الأبيض المليح و"تخرفن
"
نصف الشعب فتسابق الكل
مشاهير ومغمورين نساء ورجالا شيبا وشبابا دعاة وغلاة مقصرين ومتساهلين
فتاة جمعت النقائض في
حسابها "الانستقرامي " فذاك داعية وهذا خطيب جامع وكاتب صحفي وإعلامي
وسكير ونكير ومتزمت وممثل
ومغن وشاعر وهذه طفلة وتلك فتاة تلك امرأة مسنة لم يبق من الشعب إلا
القلة الكل انجر خلف معرفها
لتبلغ في فترة وجيزة للمليون متابع فتاة لم يفكر أحد ولو للحظة واحدة في
أن يسأل أو يتحقق عن تلك
الفتاة وإصابتها بمرض السرطان والأدهى أن هناك من حج أو اعتمر أو تصدق
باسمها ونيابة عنها وهناك
من تبرع لها وأنفق من أجلها وهناك من دبج القصائد وكتب القصص والروايات
عن بطولتها !
شخصية مجهولة لا يعلم من
يقف وراءها أهو رجل أم امرأة جر خلفه الشعب دون وعي استخدم صوراً مسروقة
ومرضاً عصريا ليسرق قلوب
وعقول الناس تعاطف معه الشعب ليكتشف الحقيقة وليصدم مرة أخرى بطيبته
فما هي المشكلة ولماذا حصل
ما حصل ؟ إن المشكلة تكمن في طبيعتنا التي لم نستطع التغلب عليها
وعاطفتنا التي تسيطر على
مجمل قراراتنا وتسليم عقولنا للآخرين دون إعمال للفكر وتثبت عن المعلومة
يجب علينا أن نضع فلاتر لكل
معلومة أو خبر وأن نترك التسرع والانجرار خلف الشائعات ولنجعل هذا
درسا لنا في قادم أيامنا
فلا ندري من أين سنؤتى هذه المرة وربما تكون المصيبة أكبر من حلق الشَّعر وتأليف
الشِّعر والصوم والعمرة
والحج والصدقة والزكاة من أجل قضية ملفقة وكذبة جديدة وعلينا أن نوقف تداول
القصص والروايات والأخبار
والفتاوى التي لا مرجع لها وأن نتأكد قبل النشر فلربما هلكنا بسببها !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكراً لزيارتك وقراءتك وتعليقك وأرجو أن أراك مرة أخرى