بحث هذه المدونة الإلكترونية

الصفحات

الاثنين، 2 نوفمبر 2015

تداخل اللغة الإندونيسية في اللغة العربية

تدخل اللغة الإندونيسية في اللغة العربية
الدكتور نصر الدين إدريس جوهر
(جامعة سونن أمبيل الإسلامية الحكومية-سورابايا)
                                       
Abstrak: Mempelajari bahasa Arab adalah mempelajari kompleksitas system berbahasa di dalamnya. Bagi orang Indonesia ini tentu bukan proses sederhana, antara lain karena terdapat perbedaan yang signifikan antara sistem linguistik bahasa Arab dengan system linguistik bahasa Indonesia. Artinya, proses mempelajari bahasa Arab bagi penutur Indonesia adalah proses menguasai system berbahasa yang baru dan berbeda dengan apa yang terbiasa mereka pakai, baik dari aspek bunyi, bangunan kata, struktur kalimat, maupun system pemaknaan. Ketika proses tersebut berlangsung, secara alamiah akan terjadi interfensi linguistic bahasa Indonesia terhadap bahasa Arab, yaitu sebuah kecenderungan penutur Indonesia untuk menggunakan bahasa Arab pada berbagai tingkatan dengan cara yang –sadar atau tidak- dipengaruhi oleh system linguistic bahasa Indonesia.
Tulisan ini akan mengupas secara teoritis apa dan bagaimana interfensi tersebut terjadi, juga secara khusus memaparkan bagaimana interfensi tersebut terjadi dari bahasa Indonesia terhadap bahasa Arab serta serta bentuk-bentuknya pada berbagai tingkatan linguistic.
 Kata kunci: Bahasa Indonesia, Bahasa Arab, Interfensi.  




مقدمة
ثمة ما يشبه الاتفاق بين العلماء أن اللغة وليد مجتمعها وتشكل أداة لتبادل الأفكار بين أبنائه. ولعل أول من وضع مقدمة لهذا الرأي ابن جني الذي عرف اللغة بأنها أصوات يعبر بها قوم عن أغراضهم  (ابن جني، 1959:1052). وهذا يعني أن اللغة تنشأ في مجتمع بشري نتيجة إبداعه في توفير ما يلبي احتياجاته الاتصالية.  كما يعني أن اللغة في مجتمع تختلف من نظيرتها في مجتمع آخر لوجود ما بين المجتمعين من اختلافات ثقافية.
ثم تتطور اللغة وتتجاوز حدودها مواكبة لتطور احتياجات الاتصال لأبناء مجتمعها وتفاعلاتهم مع غيرهم من أبناء مجتمعات أخرى. فأصبحت اللغة لا تنحصر على مجتمعها و لا تخص أبنائه فقط وإنما تعبره وتخص غيرهم ممن يجيدها ويتخذها أداة للاتصال. إنه في هذا الحد تصبح اللغة نظاما مفتوحا قابلا للتعلم في غير مجتمعها وثقافتها وتصبح لغة أجنبية لغير أبنائها. وإنه في هذا الحد أيضا تصبح عملية تعلم اللغة الأجنبية ضرورة لا مفر منها لمن يريد أن يخوض ميدان الاتصال عبر الثقافات.
ولكن لا يعني ذلك أن اللغة تتخلى عن نظامها وثقافتها عند تجاوزها مجتمعها. إنها غير قابلة للتغيير نظاما وثقافة رغم أنها قبلة للتعلم. ذلك لأن العلاقة القائمة بين اللغة ونظامها وثقافتها يحرم فصلها. النظام يشكل اللغة واللغة تشكل بدورها وعاء لثقافتها. وهذا يعني أن عملية تعلم لغة أجنبية هي عملية تعلم نظامها وثقافتها. لا يمكن تعلم لغة بمعزل عن نظامها وثقافتها.
        ومما يترتب علي ذلك صعوبة عملية تعلم اللغة الأجنبية مما أدى إلى تعرض الأجنبيين لمشاكل لغوية وثقافية كثيرة. لأنهم يتعلمون اللغة التي تختلف من حيث النظام والثقافة من لغتهم فيجدون أنفسهم في أغلب الأحيان ملتقى تضارب اللغتين: لغتهم التي يتحدثون بها واللغة الأجنبية التي يسعون لإجادتها.
وفي مثل هذه الحالة مال كثير من متعلمي اللغة الأجنبية إلى ما يدعى بالتدخل، وهو تطبيق نظام لغتهم على اللغة الأجنبية التي يتعلمونها وممارسة ثقافة لغتهم عند أدائهم تلك اللغة الأجنبية.    
وقد وقع في هذا التدخل متعلمو اللغة العربية من الإندونيسيين. إن وجود الفجوة اللغوية والثقافية بين اللغة العربية ولغتهم الإندونيسية وقف وراء نقلهم نظام لغتهم وثقافتها أثناء تعلمهم اللغة العربية.
وتتناول هذه المقالة تدخل اللغة الإندونيسية في اللغة العربية عند استخدام الإندونيسيين اللغة العربية مبينا مفهوم هذا التدخل، عوامله، وأنواعه، ووجوهه. 
 مفهوم التدخل اللغوي
       يمكن تعريف التدخل اللغوي بأنه "التأثير السلبي للغة ما في تعلم لغة أخرى".(الخولي:2002/94) أي "تدخل أنظمة اللغة الأم وعاداتها في أنظمة اللغة الهدف"(العصيلي:1999/101). يسمى هذا التأثير سلبيا إذا إنه يؤدي إلى أداء خاطئ للغة الثانية مما يعني أن التدخل هو في الحقيقة أخطاء يرتكبها الفرد عند استخدامه اللغة الثانية نتيجة نقله أنظمة لغته الأولى إلى اللغة الثانية نقلا سلبيا. وهذا النقل السلبي ليس الوحيد الذي يحتمل أن يحدث عندما ينقل الفرد أنظمة لغته الأولى إلى اللغة الثانية. هناك ثلاثة احتمالات يمكن أن تحدث أثناء هذه العملية النقلية، هي:
أولا: النقل الإيجابي (positive transfer)، وهي عملية تحدث عند وجود الهيمنة إحصائيا في اللغة الأولى التي تتطابق مع نفس الهيمنة في نتيجة تحليل أداء اللغة الثانية، وهي (الهيمنة في اللغة الأولى) لا تؤدي إلى الأخطاء في ذلك الأداء إذ إنها تتفق بأنظمة اللغة الثانية.
ثانيا: النقل السلبي (negative transfer)، وهي عملية تحدث عند وجود الهيمنة إحصائيا في اللغة الأولى التي تتطابق مع نفس الهيمنة في نتيجة تحليل أداء اللغة الثانية، ولكنها (الهيمنة في اللغة الأولى) تؤدي إلى الأخطاء في ذلك الأداء إذ إنها تخالف أنظمة اللغة الثانية.
ثالثا:  النقل المحايد(neutral transfer)، وهي عملية تحدث عند انعدام الهيمنة إحصائيا في اللغة الأولى التي تتطابق مع ضعف الهيمنة في نتيجة تحليل أداء اللغة الثانية، جزء من الهيمنة في اللغة الأولى لا تؤدي إلى الأخطاء في أداء اللغة الثانية إذ إنها تتفق مع أنظمتها، وجزء آخر منها تؤدي إلى الأخطاء فيه إذا إنه تخالف أنظمتها (Selinker:1983/50-51)
والتدخل يسير من اللغة الأقوى إلى اللغة الأضعف أو من اللغة الأكثر هيمنة لدى الفرد إلى اللغة الأقل هيمنة لديه. فإذا كان الفرد يتقن اللغة الأولى أكثر من اللغة الثانية يسير التدخل غالبا من اللغة الأولى نحو اللغة الثانية. وعلى النقيض، إذا كانت اللغة الثانية أكثر إتقانا لديه فإن التدخل يسير غالبا من اللغة الثانية إلى اللغة الأولى (الخولي:1993/208). ولكن هذا لا يعني أن التدخل لا يسير مطلقا من اللغة الأضعف إلى اللغة الأقوى، إنما يعني أن التدخل من اللغة الأقوى إلى اللغة الأضعف أشيع من التدخل في الاتجاه المعاكس. ومثال ذلك التدخل في عملية تعلم اللغة العربية لدى الإندونيسيين، فبما أن اللغة الإندونيسية هي الأكثر هيمنة فيسير التدخل في أغلب الأحيان من الإندونيسية إلى العربية. ولكن قد يسير التدخل في حالات نادرة بالاتجاه المعاكس، كأن ينطق الطلاب الإندونيسيون الدارسون في الدول العربية بعض الأصوات الإندونيسية بنفس الطريقة التي ينطقون بها الأصوات العربية، مثل نطق /kh/  في كلمة “akhir” كأنهم ينطقون /خ/ في كلمة "آخر".
والتدخل عملية متعددة الأبعاد لا تنحصر فقط على الوحدات اللغوية مثل الأصوات، والكلمات، والتراكيب، والصرف، والنحو، والدلالة، وإنما تغطي أيضا كل من جوانب مَعْلُغَوية مثل الحركات المصاحبة للغة والجوانب الثقافية للغة. وإنه  قد يسهل اكتشفاه وملاحظته مثل تدخل الوحدات اللغوية، وقد يصعب ملاحظته إذ إنه يكون في بعض الأحيان محاولة ذكية لتجنب المناطق اللغوية الصعبة أي أنه يختفي وراء الأداء اللغوي الصحيح. 
والجدير بالذكر هنا أن التدخل لا يمثل جميع الأخطاء اللغوية التي يرتكبها متعلم اللغة الثانية أو بعبارة أخرى أنه ليس سببا وحيدا لوقوع الأفراد في الأخطاء عند تعلمهم اللغة الثانية. فقد أشارت الدراسات أن هناك أخطاء معينة في أداء اللغة الثانية يرتكبها متعلموها من خلفية لغوية مختلفة. فالأخطاء في اللغة الإنجليزية على سبيل المثال: did he comed, what you are doing, he coming from Indonesia, make him to do it, I can to speak Franch, من جملة الأخطاء الشائعة التي وقع فيها الأفراد من الخلفيات اللغوية المختلفة (Richard:1974/173). أي أن هذه الأخطاء يمكن أن يرتكبها كل من الإندونيسيين، والصينيين، واليابانيين، والعرب، وغيرهم، مما يعني أنها ليست نتيجة تدخل اللغة الأولى.
وكذلك في اللغة العربية، فإن الأخطاء حول التعريف والتنكير، والتذكير والتأنيث، ونطق الأصوات، واستخدام حروف المعاني، هي الأخطاء المشتركة للناطقين بغير العربية من الإندونيسيين، والتايلانديين، والملازيين، والفلبينيين، والتنزانيين، والصوماليين، والسودانيين، والسنغاليين، والكامرونيين، وغيرهم من أهل اللغات المختلفة عند تعلمهم اللغة العربية (عبدالله:2000/19-20).  
 عوامل مؤدية للتدخل
        إن التدخل اللغوي لا ينتج عن فراغ، إنما هو وقع نتيجة لوقوع مواقف وحالات معينة. وثمة مواقف وحالات رئيسية تؤدي في أغلب الأحيان إلى حدوث التدخل، منها (الخولي/102):
1-   طبيعة المهمة اللغوية. إذا طلب من فرد أن يترجم نصا من اللغة الأولى إلى اللغة الثانية، فإن هذا الموقف يفرض عليه التدخل من اللغة الأولى إلى اللغة الثانية. وهذا يعني أن بعض المهام اللغوية تؤدي بطبيعتها إلى زيادة التدخل.
2-   ضغط الاستعمال المبكر. إذا اضطر الفرد إلى التكلم اللغة الثانية قبل أن يكتمل تعلمه لها، وهذا ما يحصل غالبا، فإن هذا الموقف يجبره لا شعوريا على الاستعانة باللغة الأولى، الأمر الذي يزيد من تدخل اللغة الأولى.
3-    ضعف الرقيب، إذا كان الفرد لما يمتلك بعد رصيدا كافيا من القوانين اللغوية التي تقوم بدور الرقيب على استخدام اللغة الثانية، فإن إنتاجه للغة الثانية سيتعرض للتدخل.
4-   إتقان اللغة الأولى واللغة الثانية.كلما اتسع الفرق بين درجة إتقان اللغة الأولى ودرجة إتقان اللغة الثانية، زاد التدخل من اللغة الأقوى إلى اللغة الأضعف. وهذا يعني بصورة عامة التدخل يكثر في أولى مراحل تعلم اللغة الثانية، ويقل مع تقدم تعلم اللغة الثانية حين يضيق الفرق بين درجتي الإتقان.
5-   مكانة اللغة. إذا تقاربت اللغة الأولى واللغة الثانية في درجة الإتقان، فإن الاحتمال يبقى أن التدخل يسير من اللغة ذات المكانة المرموقة إلى اللغة ذات المكانة الأدنى لأسباب نفسية واجتماعية. ويمكن تفسير ذلك على أنه حيلة لا شعورية لتعزيز مكانة الذات عن طريق إدخال عناصر من اللغة المرموقة. غير أن اللغة الأدنى مرموقية قد تقوم هي بتدخل خاص في اللغة الأعلى مرموقية، إذ قد تعطيها بعض المصطلحات السيئة الدلالة مثل الشتائم.  
6-   محدودية التعرض. حتى في حالة إتقان تراكب اللغة الثانية، من المحتمل أن متعلم اللغة الثانية لم تتح له فرص كافية للتعرض لمواقف لغوية متنوعة، الأمر الذي يجعله قليل الخبرة في اللغة الثانية. وهذا يدفعه إلى الاستعانة باللغة1 كلما عجزت اللغة الثانية عن إسعافه. وكلما زاد عجزه مع اللغة الثانية، زاد تدخل اللغة الأولى.
7-   الموقف من اللغة الثانية. إذا كان الفرد غير راغب من تعلم اللغة الثانية لسبب من الأسباب ولكنه مضطر إلى تعلمها لظروف معينة وكان في الوقت ذاته متمسكا باللغة الأولى ويخشى التخلي عنها لأنه يعتبرها رمزا لكرامته وثقافته وأصله وتراثه، في هذه الحالة تراه يقاوم تعلم اللغة الثانية وتراه يبالغ في إبراز تأثير اللغة الأولى لا شعوريا، الأمر الذي يؤدي غلى ازدياد تدخل اللغة الأولى في اللغة الثانية. وبالمقابل، فإن الفرد الذي يقبل على تعلم اللغة الثانية بدافعية قوية يساعده عقله الباطن، أي اللاشعوري، على تحقيق الهدف عن طريق الحد من تدخل اللغة الأولى.

أنواع التدخل
يمكن تقسيم التدخل اللغوي بوجه عام إلى ثلاثة أقسام وهي تدخل الوحدات اللغوية، وتدخل المصاحب للغة أو التدخل الحركي أو المَعْلُغَوِي (paralinguistic interference)، والتدخل الثقافي  (cultural interference). وستناول السطور التالية كلا من هذه الأقسام  الثلاثة وما يتفرع منها من أنواع فرعية مع الإشارة إلى بعض النماذج.
1- التدخل الصوتي (phonological interference). وهو الأخطاء النطقية التي يرتكبها متعلم اللغة الثانية نتيجة نقله السلبي للنظام الصوتي في اللغة الأولى إلى نظيره في اللغة الثانية. وينتج عن هذا النوع من التدخل نطق غير مألوف لدى ناطقي اللغة الثانية الأصليين بل إنه في بعض الأحيان يضر بالمعنى. ويتمثل هذا التدخل في بعض الظواهر منها ما يلي:
-   نطق صوت في اللغة الثانية كما ينطق في اللغة الأولى. مثال ذلك نطق العربي الذي يتعلم الإنجليزية /t/ الإنجليزية اللثوية /ت/ العربية الأسنانية. أو نطق الأمركي /ر/ العربية التكرارية /r/  الإنجليزية الارتدادية.
-   نطق صوتين مختلفين في اللغة الثانية كأنهما متساويان قياسا على اللغة الأولى. مثال ذلك نطق العربي /b/ و /p/ الإنجليزيتين مثل نطق /ب/ العربية متأثرا بعدم التمييز بينهما في العربية.
-   نطق صوت واحد في اللغة الثانية مثل نطق صوتين مختلفين في اللغة الأولى لوجود التشابه بين نطق ذلك الصوت وهذين الصوتين. مثال ذلك نطق الأمريكي /ف/ العربية مثل  /b/ أحيانا و /p/ أحيانا.
-   تعديل نظام العناقيد الصوتية في اللغة الثانية بحيث يصبح قريبا من نظام العناقيد في اللغة الأولى. مثال ذلك أن ينطق العربي explain بزيادة /i/ قبل /p/ لمنع اجتماع السواكن في مقطع واحد.
-   نقل نظام النبر في اللغة الأولى إلى اللغة الثانية مما يسبب تغير مواضع النبر في كلمات اللغة الثانية من مقاطع صحيحة إلى مقاطع غير صحيحة. مثال ذالك أن ينبر الجاوي الذي يتعلم العربية المقطع الأخير للكلمات العربية: باب، كتاب، طالب، خالد، مجتهد، وغيرها من الكلمات التي تنتهي بالباء والدال.  
-   نقل نظام التنغيم في اللغة الأولى إلى اللغة الثانية مما يؤدي إلى نطق جمل اللغة الثانية بطريقة تشبه تنغيم جمل اللغة الأولى. مثال ذلك أن ينطق الإندونيسي "السلام عليكم" بزيادة الواو بعد الكاف. أو أن ينطق "خاطب" بزيادة الياء بعد الطاء. 
2- التدخل الصرفي (morphological interference). وهو أن يتدخل نظام الصرف في اللغة الأولى في اللغة الثانية. مثال ذلك جمع الاسم وتثنيته وتأنيثه وتعريفه وتنكيره  وتصغيره وتحويل الفعل من ماض إلى مضارع  وأمر ونظام الاشتقاق ونظام السوابق واللواحق والدواخل والزوائد.
3- التدخل المفرداتي (lexical interference). وهو أن تتدخل كلمة من اللغة الأولى أثناء التحدث باللغة الثانية. وأشارت الدراسات أن أكثر الكلمات تدخلا الأسماء، ثم الأفعال، ثم الصفات، ثم الأحوال، ثم حروف الجر.
4- التدخل النحوي (syntactic interference). وهو أن يتدخل نظام نحو اللغة الأولى في نظام نحو اللغة الثانية. مثال ذلك أن ينقل الإندونيسي نظام العدد والمعدود الخاص بلغته إلى نظام العدد والمعدود في كل من اللغة العربية والإنجليزية، كأن يقول: "خمسة بيت" في العربية، و "five house" في الإنجليزية متأثرا بنظام العدد والمعدود في لغته الذي لا يجمع المعدود مهما كان العدد.
5- التدخل الدلالي (semantic interference). وهو أن تتدخل دلالة اللغة الأولى في فهم كلمات اللغة الثانية واستخدامها. مثال ذلك كلمة "مدرسة ثانوية" التي قد يعطيها الإندونيسي معنى "مدرسة متوسطة". أو أن يقول الإندونيسي "هذا شيء لازم" مشيرا إلى ما تعنيه الجملة "هذا شيء عادي" تأثرا بكلمة lazim في اللغة الإندونيسية التي تعني "عادي". 
6- التدخل الحركي. وهذا نوع من التدخل المعلغوي (paralinguistic interference) وهو أن يستخدم الفرد وهو يتكلم اللغة الثانية حركات وإشارات اعتاد أهل اللغة الأولى على استخدامها. ومثال ذلك أن يقول الإندونيسي "السلام عليكم" خاضع البدن.
7- التدخل الثقافي (cultural interference). وهو أن تتدخل ثقافة اللغة الأولى في أداء اللغة الثانية. مثال ذلك أن يضمن المتكلم كلامه في اللغة الثانية قيما، وأفكارا، وأمثالا، مستقاة من ثقافة لغته الأولى. ويزداد هذا التدخل كلما تمسك المرء بثقافته الأولى. 
8- التدخل السلبي (negative interference). وهو أن يتجنب الفرد إنتاج تراكيب معينة في اللغة الثانية لأنه يجدها صعبة بالنظر إلى اختلافها عما يقابلها في اللغة الأولى. وبدلا من استخدام التراكيب الصعبة التي لا يتأكد من صحتها يتجنبها ويستخدم التراكيب السهلة. وصعب اكتشاف هذا التدخل لأنه يختفي وراء الصواب أو وراء جمل لا أخطاء فيها. ولكن يمكن اكتشافه بمحاولة التعرف على التعبيرات التي لا يستعملها المتعلم ثم محاولة التعرف على سبب تجنبه لاستعمالها.
9-   التدخل الداخلي (internal interference). بخلاف أنواع التدخل السابق ذكرها التي تحدث بين اللغتين (اللغة الأولى واللغة اللغة الثانية) فإن هذا النوع من التدخل يحدث ضمن لغة واحدة ويدعى أحيانا بالتدخل الضِّمْلُغَوِي (intralingual interference). وجاء هذا التدخل نتيجة ما يعرف بفرط التعميم  (overgeneralization) وهو أن يطبق الفرد نظاما سبق أن تعلمه في لغة معينة عندما تعلم نظاما آخر جديدا في اللغة ذاتها. ومثال ذالك أن يطبق الفرد زيادة "ات" في جمع المؤنث السالم على جميع الحالات فقال "أمات" بدلا من "أمهات" عندما وضع صيغة الجمع للاسم المفرد "أم". ورغم أن هذا النوع من التدخل لا يحدث بين الإندونيسية والعربية، إلا أنه من المفيد الإشارة إليه إذ إنه وقع فيه كثير من الإندونيسيين الذين يتعلمون اللغة العربية.    
10-  التداخل (mutual interference). إذا كان التدخل بشتى أنواعها عملية أحادية الاتجاه تسير من اللغة الأقوى هيمنة لدى الفرد إلى الأخرى الأقل هيمنة لديه أو ما يسير في أغلب الأحيان من اللغة الأولى إلى اللغة الثانية، فإن التداخل هو عملية ثنائية الاتجاه لا يسير من اللغة الأقوى (اللغة الأولى) إلى اللغة الأضعف (اللغة الثانية) فقط وإنما يسير أيضا –في الوقت ذاته-  في الاتجاه المعاكس أو تأثير متبادل بين اللغتين.    

تدخل اللغة الإندونيسية في اللغة العربية
إن تعلم اللغة العربية لدى الإندونيسيين يتعرض إلى حد كبير لأنواع من التدخل اللغوي وذلك لأسباب كثيرة يتلخص أهمها فيما يلي:
  1. وجود الفروق سواء كانت لغوية (صوتية، ونحوية، وصرفية، ودلالية) أو ثقافية بين اللغة العربية واللغة الإندونيسية، مما يؤدي إلى صعوبة إجادتها لدى الإندونيسيين ومن ثم إلى تدخل لغتهم الإندونيسية في عملية تعلمها.
  2. إن اللغة العربية في إندونيسيا لم تكن شائعة الاستخدام كغيرها من اللغات الأجنبية. إنما تتعلمها وتستخدمها فئات معينة من الإندونيسيين في بيئات محدودة. وهذه يجعل متعلميها قليل الخبرة في الاتصال بها –الأمر الذي يفتح بابا لبقاء هيمنة اللغة الإندونيسية وتدخلها فيها.
  3. إن نظام التعليم في مراكز تعليم اللغة العربية وفي مقدمتها المعاهد الإسلامية تفرض الطلاب على التحدث باللغة مبكرا قبل أن يكون لديهم ما يكفي من الرصيد اللغوي. وهذا يجعلهم يلجئون كثيرا إلى نظام اللغة الإندونيسية وينقلونها عند أدائهم اللغة العربية. فلا يبقى في كلامهم من سمات الكلام العربي إلا ألفاظ وكلمات.   
  4. إن معلمي اللغة العربية في إندونيسيا كان معظمهم لا يتمتعون بالخبرات اللغوية الكافية معرفية كانت أم مهنية. وأسوء ما يترتب على ذلك أنهم يتعرضون لمشكلة التدخل ذاته ويعجزون عن أداء دور الإشراف اللغوي على طلابهم لتذليل مشكلاتهم اللغوية.
  5. إن تعليم اللغة العربية مازال بوجه عام مفتقرا إلى الوسائل التكنولوجية السمعية الشفوية الحديثة التي تساعد الطلاب أن يتعلموا اللغة العربية اتصاليا ويستخدموها بطريقة يستخدمها بها أهلها.
  6. هناك عدد غير قليل من الكلمات الإندونيسية مقترضة من اللغة العربية. وبعض هذه الكلمات بعد أن صارت خاضعة لنظام اللغة الإندونيسية تغيرت صوتيا، وصرفيا، ودلاليا. والإندونيسيون عندما مروا بهذه الكلمات أثناء تعلمهم واستخدامهم اللغة العربية، خاصة في المراحل الأولى من تعلمهم، مالوا إلى استخدامها وفقا لنظام اللغة الإندونيسية، مما يؤدي إلى تدخل صوتي وصرفي ودلالي.  
وقد أدت هذه العوامل إلى تدخل اللغة الإندونيسية في عملية تعلم اللغة العربية ومن ثم يسبب ارتكاب الطلاب الإندونيسيين أخطاء كثيرة عند أدائهم اللغة العربية.
وستناول فيما يلي ضروب هذا التدخل مع الإشارة إلى النماذج التي سجلها الباحث من الأخطاء اللغوية التي ارتكبها طلابه خلال تعليمه مادة اللغة العربية في السنوات الثلاث الأخيرة.

التدخل الصوتي
يعد تدخل اللغة الإندونيسية الصوتي في اللغة العربية هو أشيع أنواع التدخل وأكثرها وضوحا وأسهلها اكتشافا وملاحظة، وذلك نتيجة  وجود الاختلاف بين نظام الأصوات العربية والأصوات الإندونيسية. وفي هذا التدخل الصوتي قد تحدث  إحدى الظواهرالآتية:
  • نطق /ث/ العربية بين الأسنانية مثل /s / الإندونيسية اللثوية. ومثال ذلك: 
- نطق الكلمة "حديث" العربية مثل الكلمة "hadis" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "ثانوية" العربية مثل الكلمة "tsanawiyah" الإندونيسي

  • نطق /ص/ العربية الذلقية اللثوية الأسنانية مثل /s / الإندونيسية اللثوية . ومثال ذلك:
-         نطق الكلمة "صلاة" العربية مثل الكلمة "sholat" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "صدقة" العربية مثل الكلمة "sedekah" الإندونيسية
-         نطق الكلمة "حصيلة" العربية مثل الكلمة "hasil" الإندونيسية
-         نطق الكلمة "مصيبة" العربية مثل الكلمة "musibah" الإندونيسية
-         نطق الكلمة "فصل" العربية مثل الكلمة "pasal" الإندونيسية
-         نطق الكلمة "نصيب" العربية مثل الكلمة "nasib" الإندونيسية
-         نطق الكلمة "فصيح" العربية مثل الكلمة "fasih" الإندونيسية
-         نطق الكلمة "صفة" العربية مثل الكلمة "sifat" الإندونيسية
-         نطق الكلمة "صبر" العربية مثل الكلمة "sabar" الإندونيسية
-         نطق الكلمة "قصة" العربية مثل الكلمة "kisah" الإندونيسية
  • نطق /ش/ العربية بين اللثوية والحنكية (الغارية) مثل /s / الإندونيسية اللثوية. ومثال ذلك:
-  نطق الكلمة "شريعة" العربية مثل الكلمة "sari’at" الإندونيسية.
-  نطق الكلمة "شرك" العربية مثل الكلمة "s(y)irik" الإندونيسية.
-  نطق الكلمة "عشاء" العربية مثل الكلمة "is(y)a" الإندونيسية.
-  نطق الكلمة "شيطان" العربية مثل الكلمة "setan" الإندونيسية.
-  نطق الكلمة "شكر" العربية مثل الكلمة "s(y)ukur" الإندونيسية.

  • نطق /ذ/ العربية بين الأسنانية مثل /z / الإندونيسية اللثوية. ومثال ذلك
-         نطق الكلمة "إذن" العربية مثل الكلمة "izin" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "مؤذن" العربية مثل الكلمة "muazin" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "عذر" العربية مثل الكلمة "uzur" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "ذوالحجة" العربية مثل الكلمة "zulhijjah" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "عذاب" العربية مثل الكلمة "azab" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "ذكر" العربية مثل الكلمة "zikir" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "ذكر" العربية مثل الكلمة "zakar" الإندونيسية.

  • نطق /ط/ العربية الذلقية الأسنانية اللثوية المجهورة مثل /t/ الإندونيسية اللثوية المهموسة. ومثال ذلك:
- نطق الكلمة "طاعة" العربية مثل الكلمة "taat" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "نقطة" العربية مثل الكلمة "noktah" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "سلطان" العربية مثل الكلمة "sultan" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "قرطاس" العربية مثل الكلمة "kertas" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "قطب" العربية مثل الكلمة "kutub" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "فطر" العربية مثل الكلمة "fitri" الإندونيسية.

  1. نطق /ق/ العربية اللهوية مثل /k/ الإندونيسية الحنكية. ومثال ذلك:
-       نطق الكلمة "قرطاس" العربية مثل الكلمة "kertas" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "قبر" العربية مثل الكلمة "kubur" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "قبلة" العربية مثل الكلمة "kiblat" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "نقطة" العربية مثل الكلمة "noktah" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "قصة" العربية مثل الكلمة "kisah" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "قطب" العربية مثل الكلمة "kutub" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "فاسق" العربية مثل الكلمة "fasik" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "مقبول" العربية مثل الكلمة "makbul" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "خالق" العربية مثل الكلمة "khalik" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "مخلوق" العربية مثل الكلمة "makhluk" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "قيامة" العربية مثل الكلمة "kiamat" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "قمر" العربية مثل الكلمة "komar" الإندونيسية.

  1. نطق /ع/ العربية الصامتة مثل /a/ الإندونيسية الصائتة. ومثال ذلك:
- نطق الكلمة "علم" العربية مثل الكلمة "ilmu" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عليم" العربية مثل الكلمة "alim" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "علماء" العربية مثل الكلمة "ulama" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عالم" العربية مثل الكلمة "alam" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عمر" العربية مثل الكلمة "umur" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عمر" العربية مثل الكلمة "umar" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عرب" العربية مثل الكلمة "arab" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عيب" العربية مثل الكلمة "aib" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "علامة" العربية مثل الكلمة "alamat" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عموم" العربية مثل الكلمة "umum" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عبارة" العربية مثل الكلمة "ibarat" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عبادة" العربية مثل الكلمة "ibadah" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عشاء" العربية مثل الكلمة "isya’" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عذر" العربية مثل الكلمة "uzur" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عزيز" العربية مثل الكلمة "aziz" الإندونيسية.
- نطق الكلمة "عيد" العربية مثل الكلمة "id" الإندونيسية.
  • نطق /غ/ العربية الاحتكاكية مثل /g/ الإندونيسية الانفجارية. ومثال ذلك:
-         نطق الكلمة "غيب" العربية مثل الكلمة "gaib" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "مغرب" العربية مثل الكلمة "magrib" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "مبلغ" العربية مثل الكلمة "muballig" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "غفران" العربية مثل الكلمة "gufron" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "غفور" العربية مثل الكلمة "gofur" الإندونيسية.

  • نطق /ظ/ العربية بين الأسنانية مثل /z/ الإندونيسية اللثوية. ومثال ذلك:
-         نطق الكلمة "ظهر" العربية مثل الكلمة "zuhur" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "ظالم" العربية مثل الكلمة "zalim" الإندونيسية.
-         نطق الكلمة "عظيم" العربية مثل الكلمة "azim" الإندونيسية.

تدخل نحوي
ويعني هذا التدخل –كما سلف بيانه- أن ينقل الإندونيسي نظام النحو في لغته الإندونيسية في تركيب الجملة العربية. وهذا التدخل يظهر في عدة أشكال، منها ما يلي:
  • جمع فعلين متتابعين دون أن يفصل بينهما حرف. مثال ذلك:
-         أريد أرجع إلى البيت 
-         تريد تذهب الآن ؟
-         يريد يزورني هذا المساء
هذه الجمل الثلاث هي جمل عربية تخضع أجزائها لنظام النحو الإندونيسي الذي يسمح وضع فعلين متتابعين في جملة واحدة بدون حرف فاصل، كما يتضح مما تعنيه هذه الجمل الثلاث في اللغة الإندونيسية:
Saya mau pulang
Kamu mau pergi sekarang?
Ia mau mengunjungiku sore ini

تعدية "الأفعال المتعدية بالحروف" مباشرة، ومثال ذلك:
-         أنا احتاج مساعدتك
-         هي تشعر السعادة
-         التلاميذ يستمعون الأستاذ
-         اتصلته هاتفيا بالأمس
جاء هذا التدخل نتيجة للنقل السلبي لنظام الأفعال الإندونيسية إلى تركيب الجمل العربية. فالأفعال الثلاثة في تلك الجمل تقابل كلا منها كل من هذه الأفعال الإندونيسية " membutuhkan, merasa, mendengarkan, menelepon " التي لا تتعدى بحرف. فتأثر الإندونيسي بهذا النظام وطبق نظام هذه الأفعال الإندونيسية على نظائرها العربية فارتكبت هذه الأخطاء. 
  • تعدية "الأفعال المتعدية بنفسها" بالحروف، ومثال ذلك:
-         أريد أن أسأل إليك
-         أنا أحب إليك
الفعل "سأل" و "أحب" يعني في اللغة الإندونيسية "bertanya" و "cinta" وهما من الأفعال المتعدية بحروف حيث يتعدى الأول بـ "kepada" (إلى) والثاني بـ "pada" (إلى) فتأثر الإندونيسيون بهذا وارتكبوا هذا الخطأ النحوي.  
  • تعدية الأفعال بحروف غير مناسبة، ومثال ذلك:
- اللغة العربية تختلف مع اللغة الإندونيسية
- تعجبت مع فصاحته
- الكفار لا يؤمنون إلى الله
- هو ينضم مع مجموعة "ب"
- قلت إلى أحمد
- نزل القرآن في اللغة العربية
- تزوج أحمد مع عائشة
الفعل "اختلف" يتعدى بـ "عن"، و"تعجب" بـ "من"، و"آمن" بـ "ب"، و"انضم" بـ "إلى"، و"قال" بـ "ل"، و"نزل" بـ "ب"، و"تزوج" بـ "من"، أو "ب"، أو "على". ولكن الإندونيسي تأثر بالحروف التي تتعدى بها النظائر الإندونيسية لهذه الأفعال كما يتضح مما يلي:
-         "اختلف"  يقابله الفعل "berbeda" الذي يتعدى بـ "dengan" الذي يقابل الحرف "مع" في العربية. 
-         "التعجب"  يقابله الفعل "kagum" الذي يتعدى بـ "dengan" الذي يقابل الحرف "مع" في العربية. 
-         "آمن"  يقابله الفعل "percaya/beriman" الذي يتعدى بـ "kepada" الذي يقابل الحرف "إلى" في العربية. 
-         "انضم"  يقابله الفعل "bergabung" الذي يتعدى بـ "dengan" الذي يقابل الحرف "مع" في العربية. 
-         "قال"  يقابله الفعل "berkata" الذي يتعدى بـ "kepada" الذي يقابل الحرف "إلى" في العربية. 
-         "نزل"  يقابله الفعل "turun" الذي يتعدى بـ "dalam" الذي يقابل الحرف "في" في العربية. 
-         "تزوج"  يقابله الفعل "menikah/kawin" الذي يتعدى بـ "dengan" الذي يقابل الحرف "مع" في العربية. 
5. وضع الفعل بعد الظرف مباشرة دون أن يفصل بينهما حرف، مثال ذلك:
- تزوجت بعد تخرجت من الجامعة.
- قبل نرجع نأكل أولا.
يمكن في نظام النحو الإندونيسي وضع الظرف والفعل متتابعين في جملة واحدة بدون حرف فاصل بينهما، مثل:
Sebelum membaca qur’an kita berwudlu dulu
Setelah menyelesaikan studi dia mencari kerja.
    هذا يعد في نظام النحو العربي مخالفة للقاعدة. فعندما طبق الإندونيسي هذا النظام في جملة عربية وقع في مثل هذه الخطأ.  
6. تطبيق خاطئ لنظام العدد والمعدود، مثال ذلك:
- اشتريت ثلاثة قلم
- اشتريت ثلاثة سيارات
            من أهم ما يختلف به نظام العدد والمعدود في اللغة الإندونيسية عن نظيره في اللغة العربية أن المعدود مفرد دائما وأن العدد لا يتقيد بالمعدود تأنيثا وتذكيرا، كما يتضح مما تعنيه الجملتان في اللغة الإندونيسية:
Saya membeli tiga buah pensil
Saya membeli tiga buah mobil
ولما تأثر الإندونيسي بهذا النظام وطبقه في جملة عربية وقع هذا التدخل.

تدخل دلالي
ومن أبرز وجوه التدخل الدلالي أن يفهم الإندونيسي الكلمات العربية ويستخدمها حسب دلالاتها السائدة في اللغة الإندونيسية، مما يعني أن هذا التدخل وقع غالبا في الكلمات العربية المقترضة في اللغة الإندونيسية. ومثال ذلك:
- هذا شيء لازم                       (يعني: شيء عادي)
- أعطني علامتك                      (يعني: عنوانك)
- أنا طالب المدرسة الثانوية           (يعني: المدرسة المتوسطة)
- أنا طالب المدرسة العالية            (يعني: المدرسة الثانوية)
- هو رجل تواضع وصبر             (يعني: متواضع وصابر)
- أبوه علماء كبير                     (يعني: عليم)
- أبوه عليم نراه دائما في المسجد     (يعني: أهل العبادة)
هذه الكلمات العربية قد تغيرت دلالاتها بعد اقتراضها إلى اللغة الإندونيسية على النحو التالي:
- "لازم"                       =      "biasa" (بمعنى عادي)                   
- "علامة"                      =       “alamat” (بمعنى عنوان)
- "المدرسة الثانوية"           =      “madrasah tsanawiyah” (بمعنى مدرسة متوسطة)
- "المدرسة العالية"            =      “madrasah aliyah” (بمعنى مدرسة ثانوية)
- "تواضع"                       =      “tawadhu’ (بمعنى متواضع: تحول معناه إلى صفة)
- "صبر"                           =      “sabar”  (بمعنى صابر: تحول معناه إلى صفة)
- "علماء"                          =      “ulama” (بمعنى عليم: تحول معناه إلى مفرد)
- "عليم"                       =      "”alim (بمعنى أهل العبادة)
وجاء هذا التدخل نتيجة استخدام هذه الكلمات العربية بدلالات نظائرها المقترضة في اللغة الإندونيسية.

تدخل حركي
التدخل الحركي –كما سبق ذكره- نوع من أنواع التدخل المعلغوي ويحدث عندما يستخدم الإندونيسي –وهو يتحدث باللغة العربية- الحركات والإشارات التي يعتاد عليها عندما يتكلم اللغة الإندونيسية. ومثال ذلك:
- إلقاء السلام المصاحب بإخضاع البدن.
- إلقاء السلام المصاحب بتقبيل اليد.
إخضاع البدن وتقبيل اليد من الحركات التي اعتاد عليها الإندونيسيون عند إلقائهم السلام، ومثل هذه الحركات غير مألوفة عند العرب.

تدخل ثقافي
ثمة علاقة تداخلية غنية عن البيان بين اللغة وثقافتها فلا يمكن تعلم لغة مع تجاهل ثقافتها إذا شكل أحدهما جزءا لا يتجزأ من الآخر. لذا قد ينقل الإندونيسي ثقافة لغته عندما يستخدم اللغة العربية مما يؤدي إلى التدخل الثقافي. ومن ذلك جمل آتية:
-  ما اسم زوجتك؟ كيف حالها؟ هل حملت؟
(السؤال عن أزواج الآخرين شيء عادي في الثقافة الإندونيسية ولكنه عيب في الثقافة العربية).
-  من العائدين والفائزين
(هذه التهنئة يرددها الإندونيسيون فيما بينهم أيام العيد وقد أصبح من ثقافتهم، ولكنها غير مألوفة لدى العرب).
-  هذا أخي، هو عازب، لم يشعر بجنة الدنيا.
(جنة الدنيا عبارة عن العلاقة الزوجية لدى الإندونيسيين، ولكنها غير مألوفة لدى العرب).
-  الأستاذ يأكل التلميذة
(هذا التعبير شائع لدى الإندونيسيين ويوجهونه إلى من تزوج بإحدى طالباته، وهذا تعبير غريب لدى العرب).

تدخل أسلوبي
وهو ما يشبه ترجمة حرفية للتعبيرات الإندونيسية التي تخالف سمات التراكيب والأساليب العربية، ومثال ذلك:
-  أنا لا أحب أبي، قليل قليل غضب، أخرج ليل لا يجوز (أنا لا أحب أبي لأنه سريع الغضب ولا يسمح لي أن أخرج ليلا).
-  بعد خلاص رمضان نعود إلى المدينة (بعد رمضان نعود إلى المدينية).
-  ماجستير فقط صعب، كيف الدكتوراة (يشكل علي تحضير الماجستير فكيف الدكتوراة). 
-  في قريتي كثير مساجد ولكن صغير صغير (في قريتي مساجد كثيرة إلا أنها صغيرة).
ووقع بعض الإندونيسيين في مثل هذا التدخل في المراحل الأولى من تعلمهم اللغة العربية عندما اضطروا إلى التحدث باللغة العربية بينما لم يكن لديهم ما يكفي من المعرفة اللغوية.

الخاتمة
        اتضح مما سبق بيانه أن تدخل اللغة الإندونيسية في اللغة العربية يكاد يغطي كل الجوانب اللغوية. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وجود الفجوة الكبيرة والاختلاف الشاسع بين أنظمة اللغة الإندونيسية واللغة العربية، كما يدل على ضعف محاولة تذليل هذه الفجوة من قبل المعنيين بتعلم اللغة العربية وفي مقدمتهم المعلمون.
        وأوصى الباحث باتخاذ خطوات تعليمية تعلمية فعالة تذليلا لهذه الظاهرة من خلال تركيز العملية التعليمية التعلمية على مناطق التدخل لغوية كانت أم معلغوية.    



المراجع
عبد العزيز بن إبراهيم العصيلي، النظربات اللغوية والنفسية وتعليم اللغة العربية، مكتبة الملك الفهد الوطنية، 1999م.
 عثمان (أبو الفتح) ابن جني، الخصائص، تحقيق: محمد على النجار، ط1، دار الكتب المصرية، 1956م، ص:1052.
 عمر الصديق عبد الله، تحليل الأخطاء اللغوية التحريرية لدى طلاب معهد الخرطوم الدولي للغة العربية الناطقين باللغات الأخرى، معهد الخرطوم الدولي للغة العربية، 2000م.
 محمد علي الخولي، الحياة مع لغتين: الثنائية اللغوية، دار الفلاح للنشر والتوزيع، الأردن، 2002م.

___________،مدخل إلى علم اللغة، دار الفلاح للنشر والتوزيع، الأردن، 1993م.


Jack C Richard, A Non-Contrastive Approach to Error Analysis, Jack C.Richard (Ed)  Error Analysis Perspectives on Second Language Acquisition, Longman, 1974.
  
Larry Selinker, Language Transfer, Susan M.Gass and Larry Selinker (ed.), Language in Language Lerning, 1983.

الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

قراءة في قصة ( اي العوالم أصدق..؟ ) للقاصة العمانية طفول زهران

قراءة في قصة ( اي العوالم أصدق..؟ ) للقاصة العمانية طفول زهران

اي العوالم أصدق ؟؟..
قصّة قصيرة ناقدة لبعض العادات في تربية الأبناء والتي كانت متوارثة عبر أجيال راكمت فيهم ، ثقافة الخوف ، من بعض المعتقدات التي غرسها هؤلاء الآباء كانت قادمة من جيل عاش جهلا متعمدا من قبل الإستعمار والذي ظهر فيه فئة قليلا متعلمة حوالت فئة بسيطة منهم السيطرة على هؤلاء الناس من خلال ايهامهم ببعض الخرافات التي حدد ملامح التربية فيما بعد .. وبالتالي فإن الفنيات التي استعانت بها القاصة بكل عناصرها خدمة القضية المقصودة بكل تجلياتها ..
القاصّة طفول زهران طرحت إشكالية جدليّة اجتماعية مهمة جدا يجب الإلتفات لها وتصويب تلك الأخطاء المتعمدة أحيانا والعفوية أحيانا أخرى من قبل المجتمع .. وهنا يجب أن تمارس المؤسسات التعليمية الدور التصحيحي لبعض المفاهيم والمعتقدات التي زرعها بعض الآباء بشكل عفوي ولا يعرفون خطورتها على تربية أبنائهم ..

العنوان :
القصة حملت العنوان : اي العوالم أصدق ؟؟ . هذا العنوان الذي يمكن اعتباره جدلية بين عالمين عاشهما ولد صغير السن تلقى تعليمه من أهله الذين رسّخوا في ذهنه معتقدات ومشاهد لم يكن يراه حقيقة ، ولكنها كانت تمثل لديه ذلك الهاجس والخوف والرعب .. القاصة هنا وفقت في اختيارها لهذا العنوان والذي يمكن ان نقول عنه أنه رسم الملامح والطريق للقارىء واعطى انطباعا جيدا .. من خلال ارتباطه بالقصة ارتباطا عضويا ، حيث يوحي العنوان إلى تصّور تطلب فيه القاصّة من خلال الإستفهام من القارىء أن يطرح وجهة نظرة ، وهي ربما تعرف مسبقا الإجابة أو ردة فعله - القارىء- حول القضية المطروحة ، ولذلك يمكن أن نقول أنها استطاعت أن تؤكد رؤيتها للقضية التي كتبت من أجلها القصة فجاء العنوان بهذا الشكل وفي صيغة استفهام لم يقصد منه الإستفهام بقدر ما يطرح قوة الرفض لبعض العادات التي يمارسها الآباء في تربية الأبناء .



-تأثير الزمن على رسم المتوالية السردية للقصة : 
الزمن يعتبر من أهم العوامل التي أثرت بشكل أساسي على بنية القصة من البداية إلى النهاية ولذلك وجب أن وضح ذلك من خلال تبنينا لمصطلح يجمع زمنين : الزمن الذهني والزمن الآني ، هذا المصطلح هو الومضة الزمنية : وهي الزمن الكلي الذي تشكّلت خلاله الصورة الذهنية المرتبطة بالزمن الذهني .. والهدف من هذا الطرح هو توضيح الرؤية حول تأثير تشكل الزمن الذهني في أحداث القصة ..

1-الزمن الآني ( اللحظة والليل ) : وهنا تكون اللحظة التي عاشها الولد الصغير في القصّة وحدثت خلالها تلك المتوالية السردية التي اشتغلت عليها القاصّة بكل حرفية .. 
إذن الليل هو العنصر المهم الذي تولى كل الأحداث تمخضت عنه شخصيات ليلية اعطت السرد قوة فنية .. وبالتالي يمكن القول أن الليل احتوى أحداث القصة كلها اعتمادا على أن الليل هو رمز لحياة أخرى ثقيلة على البشر ، وعوالم تحدث فيها قطيعة معهم ويكرهونها لأنها تؤثر سلبا على حياتهم .. حيث أن كل عناصره مشؤومة .. 
القاصّة بدأت قصتها بالليل وبوصفه بحكم أن مسرح الأحداث سوف يحدث فيه ، حيث برعت القاصّة في وصفه .. وفيه اشتركت اللحظة التي بدأت فيها تتشكل الصور الذهنية والتي مرت في ذهن الطفل لترسم الأحداث بكل تفاصيلها ليستغرق الصغير ذلك الزمن الذهني الذي عالجت فيه أحداث القصة القضية المطروحة ..

2-الزمن الذهني : وهو الزمن الذي تشكّل في ذهن الولد الصغير والذي ضمّ الأحداث الماضية المرتبطة بلحظته الآنية ضمن زمنها الآني ..



من خلال الشكل الذي يوضح الصور الذهنية التي مرت على الولد الصغير نجد أنها ارتبطت بشكل كبير بأفراد عائلته وكيفية تأثيرهم في خلق صورة مرعبة عن الليل وعناصره وما يحدث فيه .. ويوجد لدينا في هنا ست صور ذهنية حدثت في زمن ذهني ضمن زمن آني مثلته لحظة وقوف الصغير وهو ملاصق لباب المنزل وما حوله والذي حدثت فيه أحداث القصة ، إذن لدينا الليل ثم السفر إلى الماضي ذهنيا وتبنّي عدة صور ذهنية أثرت على المشهد القصصي وأدت إلى توالي السرد بشكل جيد ومشوق ورسم الصورة العامة للمشهد القصصي السردي ..
إذا ما تطرقنا للصورة الذهنية الأولى التي وفي موقف الولد الصغير الذي كان فيه وهو يشعر بالخوف لحظة وقوفه بين باب المنزل والفضاء المظلم ومن شدة خوفه كان يهمّ بالبكاء لولا تذكر عيني أبيه الناريتين وصوته القوي الجهوري بأن البكاء للحريم ، ثم يترجم الصغير تلك الصورة الذهنية بأن خنق صوته ولكن الدموع نزلت رغما عنه .. في هذا الموقف تتضح رؤية المجتمع للصبي والبنت من النشأة الأولى والتربية التي تختلف بين البنت والولد ، ولكن القاصّة هنا توضح أن الموقف هنا لا يحتمل ذلك ، تلك الخشونة المجحفة في حق صغير لم يبلغ الرشد حتى ، وتنتقد المعايير التي تقاس بها الرجولة منذ الصغر للصبية ، نهايك عن النظرة القاصرة للمرأة ( الحرمة ) والتي تمارس بطريقة تختلط فيها القيم بالعادات التي تنتقص من حق المرأة وقدرها .. 
وهنا في هذه الصورة الذهنية التي ترجمها الصغير عندما أوقف نفسها عن البكاء عند تذكره لأبيه فإنه استوعب الدرس جيدا ولذلك سوف ينتقل لأبنائه من بعده مستقبلا ضمن نوع من التربية التي تتطلب قسوة في تربية الصبية حتى بلوغ الرشد .. 
أما بالنسبة للصورة الذهنية الثانية فقد تشكلت عند سماعه لذلك ( الصوت الليلي الأجش) حيث تذكر في تلك اللحظة الزمنية صوت أمه كل ليلة تقوم بتخويفه من ذلك الليل الذي يلتهم ، وهذا يعكس صورة للتربية الخاطئة التي تنتقدها القاصّة ، كل هذا جرّه إلى تذكر كلام جدته عن الساحر والسلاسل والليل الذي يلتهم .. 
نصل إلى قوة مساهمة تلك الصور الذهنية التي ساهمت في نمو الحدث بشكل متسارع ومشوق أدى إلى نجاح لهذا الجانب في القصة ، وبالتالي فإن الزمن الذهني عند الصغير وكما رسمته القاصّة كان مناسبا جدا مع تلك الصور الذهنية التي تشكّلت ضمن إطار هذا الزمن ..

-المكان : 

أحداث القصّة حدثت عند مدخل الباب عندما تقدم الصبي وهبت تلك الريح التي أغلقت الباب كعامل فاعل ضمن تلك العملية .. وهنا يمكن القول أن باب المنزل هو العمل الرئيسي الثاني بعد الليل في أحداث القصة .. ولذلك كسب أهمية في الحركة ضمن القصة ..


-توظيف التراث :
استطاعت القاصّة أن توظف التراث بطريقة جيدة كان الهدف منها توضيح تلك العادات والمعتقدات المتوارثة في التربية ولذلك اكتسب هذا الجانب أهمية في أحداث القصة من خلال تحليل الأحداث وتتبع جذورها للوصل إلى جذور وعمق القضية التي تم طرحها في القصة .
وهذا نلاحظه في وصفها لباب المنزل الذي حدثت الأحداث حوله : (أصابع قدم صغيرة تتسلل بحذر خارجة بتزامن مع صرير المزلاج الصدئ ... وتقدم خطوتين مرتبكتين متجاوزا العتبة الخشبية التي نخرت أطرافها الرمة ، ونحتت عليها سواقيها ومغاراتها المتشعبة.. التصق بالباب وحاول جاهدا الوصول إلى مقبضه النحاسي الخشن )

-سوسيولوجية القصة :

القضية الإجتماعية التي طرحتها القاصّة تمثل إشكالية لا زال جزء مهم من المجتمع يمارسها ، ولذلك فإن التناول الناقد الذي تناولته القصة لهذا الموضوع لهو أمر مهم ، فالجدلية هذه لا زالت تلقي بظلالها على جزء مهم من تربية الأبناء ، فهذه الجدلية مع المجتمع تكون حاضرة من قبل الأدب وذلك لطرح ومعالجة قضايا تربوية مهمة ، تؤثر على الجانب المهم من الإنسان في جزءه النفسي والثقافي والفكري تحمله خلفية تاريخية تربوية تمّ تلقيناه الطفل منذ نشأته وهو بدوره بعد ذلك نقلها لأبنائه لتظل تدور ضمن منظومة المجتمع وتمارس عن جهل .. وهنا القاصّة تحاول أن تعالج تلك القضية الإجتماعية من خلال القصة وصراعها الجدلي الذي بالتأكيد يسمع آذان صاغية ومتفقة معها في طرحا لهذا الموضوع في إطار أدبي مستساغ وجذّاب ، حيث أن القاصّة ترفض تلك المارسات وتنتقدها ، بداية من الصرامة في تربية الصبية والقسوة المتعمدة بحكم أنهم سوف يمثلون رجال الغد ، إلى بعض الخرافات التي تمارسها الأمهات والجدات بحكم قربهن أكثر للأبناء من الآباء ، وهنا تترسخ تلك المعتقدات والأساطير والخرافات التي تصاحب ذلك الصغير في كبره وتؤثر في طريقة تفكيره وتعامله مع بعض القضايا مستقبليا ..

-رؤية في القفلة : 

(أشاح بوجهه صوب العتمة اللامتناهية ... سار بصمت بعيدا حتى ابتلعته الظلمة ، وتلاشى .. )
هذه القفلة التي أنتهت بها القصة تشكلّ تمردا على تلك المعتقدات التي تربى عليها الولد الصغير ، حيث توضح أنه لم يعد لمثل هذا الأسلوب في التربية مكان ، بالإضافة إلى تشكل رؤية خاصة وحرّة للصغار من خلال تأثرهم بما حولهم خاصة في العصر التقني الذي تأثر به الكثير من الصغار في ممارساتهم اليومية وبحكم قربهم من تلك التكنولوجيا ..
ويمكن أن يحدث ذلك التأثر في تلك الأسر التي تمارس نظاما صارما على تربية الأبناء وتؤثر فيهم بالقوة ، ومثل تلك الحلات كثيرة 

-المستوى الفني للقصة : 


وفي هذا الجانب سوف نتناول أحداث القصة من خلال تقسيمها إلى ثلاث مستويات كما في الجدول التالي :




حيث قسمنا الأحداث إلى أربعة عناصر : 

1-الموقف : وكانت أربع مواقف .
2-المستوى الأول : والذي تطرق إلى تصرفات الولد الصغير وهو في أزمة الأحداث والمواقف التي تعرض لها .
3-المستوى الثاني : حيث تطرق إلى الشخصيات التي مارست ضغطا على الصغير وكيف كانت ردات فعلها على تصرفات الصغير .
4-المستوى الثالث : وهوعبارة عن استنتاجات الولد الصغير النهائية لكل المواقف والتصرفات من أهله والعناصر المتفاعلة في القصة . حيث أنني حاولت في هذا الجدول أن أوضح باختصار ذلك التفاعل بين معظم العناصر في القصة للوصول إلى النتيجة التي انتهى إليها الولد الصغير والتي كانت بفعل التأثير المباشر لأهله على تصرفه في تلك المواقف حتى اكتشف أوهام تلك الأقوال التي كان يتلقاها من أهله الذين يحاولون بتلك التصرفات والأفعال السيطرة على الحركة الزائدة للولد الصغير بحكم سنّه وصغره .. 

القصة

 تعريف الحكاية (القصّة):
الحكاية مجموعة من الأحداث عن شخصية أو أكثر، يرويها راوٍ وفق ترتيب زمني وترابط سببي بصورة مشوقة، مُستعملاً السرد والحوار أو السرد وحده. وهي تتطور نحو ذروة وتعقيد فَحل.

 عناصر القصّة:
القصّة تتكوّن من عناصر مهمّة وهذه العناصر هي:
الشخصيّات  ،  الحوادث  ،  السرد  ،  البناء  ،  الزمان  ،  المكان  ،  الفكرة.

شخصيات القصة

شخصيات القصة
الأشخاص في القصّة من أهم عناصر الحبكة (البناء)، فهم الأبطال وهم مصدر الأعمال.
وهنالك نوعان من الأشخاص:
 (1) النوع الجاهز الذي يبقى على حاله من أول القصّة إلى خاتمتها ولا يحدث فيه تغيير كياني، وهذا النوع من الشخصيات يسمّى بالشخصية الْمُسَطَّحَة. فهي شخصية لا تتطور ولا تتغير نتيجة الأحداث، وإنما تبقى ذات سلوك أو فكر واحد أو ذات مشاعر وتصرّفات واحدة.
 
 (2) النوع النامي الذي يَتَكَشَّف شيئا فشيئا ويتطور مع المواقف تطورًا تدريجيًّا بحيث لا يتم تكوينه إلا بتمام القصّة، وهذا النوع من الشخصيات يسمّى بالشخصية الْمُدَوَّرَة. فهي شخصية تنمو وتتطور وتتغير إيجابًا وسلبًا حسب الأحداث، ولا يتوقف هذا التطور إلا في نهاية القصّة.
 
   ومن وجهة أخرى تنقسم الشخصيات من حيث ارتباطها بالأحداث إلى:
1) شخصية مركزية.     2) شخصيات ثانوية.     3) شخصيات جانبية.
 
  الشخصية المركزية:
    وهي التي تقوم بالدور الرئيسي في الأحداث، بحيث تدور حولها أغلب أحداث القصّة، وتظهر أكثر من الشخصيات الأخرى، ويكون حديث الأشخاص الأخرى حولها، فلا تطغى أي شخصيّة عليها.
  الشخصيات الثانوية:
    وهي شخصيات مساعدة للشخصية الرئيسية، بحيث تشترك وتحتك مع الشخصية الرئيسية بأغلب أحداث القصّة، حتى تقوّي الصورة العامة للعمل الأدبي. وتضيء جوانب خفية للشخصيّة الرئيسية أو تكون أمينة سرّها فتبيح لها بالأسرار التي يطلع عليها القارئ.
   الشخصيات الجانبية:
   اشتراكها مع الشخصية الرئيسية قليل جدًا، ويكون اندماجها أكثر مع الشخصيات الثانوية، وهي لا تؤثر كثيرًا على أحداث القصّة فهي كإسمها جانبية غير مؤثرة.

السرد والحوار في القصة

السرد والحوار
  السرد في القصّة:
هو قصّ الأحداث بلسان الراوي ومن وجهة نظره.
  الراوي:
هو الناقل للمادة التي يقدّمها المؤلف، بكلمات أخرى هو الذي يُوَظِّفُهُ الكاتب لسرد أحداث القصّة وقد يُصَرِّح باسمه أو لا يصرّح.
  وهنالك ثلاثة طرق للسرد:
 طريقة يكون فيها الكاتب كاتب راوٍ: وهو الذي يكون فيها الكاتب مؤرخا يسرد من الخارج، فَيوَظِّف الكاتب راوٍ يقوم برواية القصّة، ويرويها بلغة الغائب. ويسمّى هذا النوع من السرد (الطريقة المباشرة).
 طريقة يكون فيها الكاتب كاتب شاهد: وهو الذي يكون ضِمْن الأحداث وعليم بها، متلبّسًا بشخص أحد الأبطال ، فهو شاهد على وقوع الحدث، فنجده يتكلم بضمير المتكلم. ويسمّى هذا النوع من السرد (السرد الذاتي).
 طريقة يكون فيها الكاتب كاتب مُتَدَخّل: هو الذي يبدي رأيه حول أي موضوع بصورة بارزة، وأحيانا يكون ذلك في تحليل الشخصيات وسلوكها. ويحسن بالعمل الأدبي ألا يتدخل المؤلف بل يجعل الشخصيات هي التي تعبر عن نفسها تلقائيًّا.
  الحوار:
هو نقل الحديث وعرض الأحداث بلسان الشخصيّات من خلال مخاطبة أحدهم الآخر.

أركان القصة ( الحوادث - الفكرة - الزمان والمكان )


الحوادث
 هي مجموعة الأفعال والوقائع مرتبة ترتيبًا سببيًّا، وسائرة نحو هدف معيّن، وهي المحور الأساسي الذي ترتبط بعه عناصر القصّة ارتباطً وثيقًا.
 الفكرة (المغزى - البث)
 قبل أن يبدأ الكاتب بالكتابة تُسَاوِرُهُ فكرة يحاول عرضها وإيصالها للمتلقي. وقد يسلك لذلك طريق الشعر أو النثر وتجد أخيرًا لفكرته أحداثا وأشخاصًا يجعل بينهم صراعا فتظهر الفكرة من خلال تفاعل عناصر العمل الأدبي.
فالفكرة هي الكاتب نفسه في ما يهدف إليه من وراء قصّته، والفكرة يجب أن تسير من خلال الأحداث بصورة خفيّة ويستخلصها القارئ ولا يصرّح بها الكاتب تصريحًا. ونسمي الدرس الذي يفهمه المتلقي بعد قراءة العمل الأدبي "مغزى".
 الزمان والمكان
  لا بدّ لكل عمل أن يتم في زمان ومكان:
 فالزمن يجب أن يكون متسلسلا يبدأ من نقطة معينة ثم يسير إلى الأمام حتى تنتهي القصّة، والأحداث تكون مرتّبة بحسب الزمان حَدَثًا بعد آخر دونما ارتداد في الزمان. والزمان يساعد على تطور الأحداث وهو يقوم بتوضيح السّببية التي تحرك الأحداث وتدفع بها إلى الأمام، ويمكن تحديد الزمان كأن يذكر المؤلف أن الزمان هو صباح يوم كذا .....
 والمكان هو الوسط الطبيعي الذي تجري ضمنه الأحداث وتتحرك فيه الأشخاص، وتنبع أهمية البيئة من دوره في تكوين الأحداث وإظهار مشاعر الأشخاص والمساعدة على فهمها. فالمكان الجميل يوحي بأن البطل سعيد والمنظر الكئيب يوحي بالحزن، وتغيّر المكان أي انتقال البطل من مكان لآخر يهيّئ القارئ لأحداث جديدة.

البناء في القصة


البناء
البناء هو الطريق التي تسير عليها القصّة لبلوغ هدفها. ويكون البناء فنّيًا إذا اعتمد طرائق التشويق وكان متلاحم الأجزاء بحيث تتكون منه الوحدة الفنية (الحبكة).
  الحبكة:
هي البناء التي تسير عليه أحداث القصّة، فهي مجموعة الحوادث مرتبة ترتيبا زمنيا، يقع التأكيد فيها على الأسباب والنتائج، وتتابع الأحداث يوصل إلى نتيجة قصصية تخضع لصراع ما وتعمل على شدّ القارئ.
  ومراحل الحبكة (البناء):
 المقدّمة (البداية):
 من خلالها نعرف ما سيأتي، وهي تعيّن مكان وزمان الحوادث والشخصية.
 الحادثة الأولى (الحركة الصاعدة):
 من خلال الحادثة الأولى ينطلق الكاتب لبناء قصّته، ومن ثمّ تبدأ الحوادث بالصعود.
 الذروة (العقدة ، الأزمة):
هي المرحلة الأكثر تعقيدًا في تطور الأحداث. وهي النقطة الحاسمة المشحونة التي تحتاج إلى تفجير، فبعد تركيب الأحداث نصل إلى لحظة معقّدة ولا بدّ بعدها من الكشف والتنوير، وهي نقطة التحوّل في القصة وتعتبر بداية تمهّد للحل. والذروة ليس لها مكان محدد في البناء الأدبي فقد تكون في وسطه أو في خاتمته.
 التنوير (الحركة الهابطة):
وهي الأحداث التي تزيل العراقيل شيئًا فشيئًا وتنجلي بعدها النهاية (الحل).
 الحل الحاسم (النهاية):
هو نهاية هبوط الأحداث بعد وصولها إلى ذروة التأزّم، ويتمثل في وقوع الفاجعة إذا كانت القصّة مأساة (تراجيديا)، أو في نهايتها السعيدة إلى كانت ملهاة (كوميديا).